انت الآن تتصفح منتديات عيون العراق - - نورت وطنك

تاريخ التسجيل : 02/08/2011

الأتربة المتناثرة في العراق

يقع
العراق في حزام المناطق الصحراوية الجافة في جنوب غرب آسيا حيث المناخ
الذي تقل فيه معدلات سقوط الأمطار، وترتفع فيه درجتا الحرارة والتبخر، وهو
موقع يعرضه بما لا يقل عن عاصفة ترابية في كل شهر، تصل سرعتها (كما حصل هذا
العام) إلى 40/كم في الساعة.

ويشكل وجود جزء كبير من الصحراء الغربية أو ما يُسمى بالربع الخالي في
العراق السبب الرئيسي لتعرضه لمثل هذه العواصف وخصوصاً في فصل الربيع شهري
آذار ونيسان.

ويرجع الباحثون في مركز بحوث الفلك وفيزياء الفضاء في وزارة العلوم
والتكنولوجية أسباب نشأة هذه العواصف في العراق لتقلبات المناخ ، حيث
أشاروا في تقاريرهم : ( إن اختلاف درجات الحرارة من منطقة لأخرى يؤدي إلى
تغيرات كبيرة في الضغط الجوي ، مما يؤدي إلى اضطراب هائل في الكتل الهوائية
ويدفعها للتحرك إلى مناطق الضغط الواطئ ذات درجات الحرارة الأعلى حاملة
معها ذرات الغبار المؤلفة للعواصف الترابية ، بينما ترتفع الرياح الحارة
لتلك المناطق نحو الأعلى حاملة معها ذات الغبار حتى تصل إلى ارتفاعات معينة
تبرد عندها هذه الرياح لتبدأ الأتربة بالنزول إلى الأسفل بفعل جذب الأرض
مكونة الأجواء الترابية المغبرة) .

ويضيف المدير العام للأنواء الجوية العراقية "داود شاكر" سبباً آخر : (هو شحة سقوط الأمطار خلال فصل الشتاء الماضي) .

ولا يستبعد د. ماجد المحنة من مديرية صحة النجف من أن تكون (حرب الخليج عام
1991 أدت إلى تحريك الرمال الهامدة لآلاف السنين في مناطق بالصحراء
الغربية ، مما زاد من العواصف الترابية الضاربة للعراق) ، بحسب قوله .

وثمة عوامل أخرى غير مناخية لعب فيها المواطن العراقي وحكوماته المتعاقبة
الدور الأكبر في نشأة هذه العواصف ، وان عدم الالتزام بإستراتيجية (الأحزمة
الخضر) للمدن المحاذية للمناطق الصحراوية ، وعدم انتشار الزراعة والتشجير
في المناطق الصحراوية أو داخل المدن ، فضلاً عن عدم رفد دائرة الأنواء
الجوية العراقية بأجهزة حديثة تنذر بقرب وقوع هذه العواصف ، تشكل جزءاً
كبيراً من هذه العوامل ، وتُحدث هذا العواصف الترابية في وقت هبوبها آثاراً
جسيمة صحية وبيئية واقتصادية وسياسية وجغرافية ، وحتى أمنية .

آثار جسام
- أصفر الوجه شاحب وكأنه يحتضر، يلازم أحد أسرة صالة الطوارئ في مستشفى
اليرموك وسط بغداد ، يبحث عن نسائم هواء طيبة تخلو من غبار ملأ الجو حوله.

ابو أسامة
(55 سنة) ، نقله أولاده إلى المستشفى بعد إصابته بضيق حاد في التنفس ، وهو
على هذه الحال كلما ضربت عاصفة ترابية بغداد ، فهو مُصاب بمرض الربو
المزمن منذ أكثر من 20 سنة .

والى جنبه 420 آخرين ، إما مشاركون له بالمرض نفسه ، أو مصابون حديثاً فيه ،
أو أصيبوا بحساسية في الصدر أو العين أو الأنف من جراء هبوب هذه العواصف .

آثار صحية تحدثها هذه العواصف ، وتخلف في كل مرة وفيات ، كما حصل في
مستشفيات محافظة كربلاء والتي رقد فيها أكثر من 650 مُصاب في العاصفة
الأخيرة التي امتدت لثلاثة أيام توفي أحدهم ، وبحسب ما قاله د. ماجد المحنة
من مديرية صحة النجف : (فإن كل عاصفة توقع عشرات القتلى).

وتصريحات مدير عام دائرة صحة الرصافة د. علي بستان
ومدير عام دائرة صحة الكرخ ، تشير وبوضوح إلى تردي الوضع الصحي لكثير من
المواطنين خلال هبوب هذه العواصف ، حين صرحا لصحيفة الصباح الحكومية : (إن
صالات الطوارئ التابعة للدائرتين استقبلت أعدادا كبيرة من المرضى المعانين
من صعوبة التنفس لإصابتهم بإمراض الربو والتهاب الجهاز التنفسي ، وقد حدثت
حالات اختناق كثيرة ، ورقد الكثير من المصابين في المستشفى حتى انتهت
العواصف).

إن الآثار الصحية للعواصف الترابية ترتبط بالتلوث البيئي الذي تحدثه ، فتجد
أن ذرات الأتربة معلقة بنسائم الهواء الذي تستنشقه ، كما تجدها تغطي
الشوارع والأشجار والمزارع والبيوت والسيارات والسرير في غرفة النوم وماء
الشرب وأطباق الطعام على مائدة الفطور أو الغداء أو العشاء ، والمنشفة التي
تمسح بها وجهك ، وغير ذلك مما تستخدمه في حياتك اليومية باستمرار.

ويعيق التلوث البيئي - بما يحدثه من إنعدام الرؤية لأقل من 100متر انسيابية
طرق النقل الجوية والبرية ، فتجد أن المطارات تغلق وتأجل الرحلات وخصوصاً
في مطاري بغداد والبصرة ، كما ترى الشوارع تقل فيها من السيارات والمارة ،
فلا تجد أحداً يسير فيها إلا لحاجة طارئة ألمت به ، كما لا تسمع غير صوت
الرياح المتثاقل بالأتربة.

ويحدث أن تسمع أو ترى حادثاً مرورياً في خضم هذه الأجواء نتيجة اصطدام
مركبتين أو أكثر قد يخلف قتلى وجرحى ، كالذي حصل في الانبار وقتل فيها
ثلاثة وأصيب أربعة آخرين.

كما يحدث أن تزرع المليشيات المسلحة المنتشرة في العراق عدداً كبيراً من
العبوات الناسفة ، أو ترتكب جرائم قتل أو سرقة وسط ضبابية تحيط بالأجهزة
الأمنية ونقاط تفتيشها لا تراها إلا سيارة تقترب منها ببعد أقل من 100م .

ولا يقتصر ما تحدثه هذه العواصف من آثار على الصحة والبيئة والأمن ، فهي
لاقتصاد العراق عامل يعيق نموه ، ويوقفه لأيام ، ويخلف خسائر لعدد كبير من
التجار.

فهذه العواصف تفقد العراق محاصيل زراعية عديدة أثناء هبوبها، كما تزيد من
مساحة التصحر داخل المناطق المزروعة سواء في المناطق الزراعية أو في المدن ،
وهي مشكلة عالمية يقول عنها تقرير لعلماء البيئة في جامعة ليج ببلجيكا :
(أن العالم يفقد نحو 691 كم2 من الأراضي الزراعية كل عام بفعل التصحر)، وللعراق منها نصيب.

وتكبد توقف حركة النقل عدداً كبيراً من المحال التجارية خسائر كبيرة لتأخر البضائع عنها، خصوصاً تلك التي تتجر بالخضروات .

إن الآثار الصحية والبيئية والأمنية والاقتصادية قد تلقي بظلالها على الوضع
السياسي المضطرب أصلاً في العراق ، فهي كما يقول مراقبون : ( تزيد من نقمة
المواطن العراقي على حكومته التي لم تلب له الخدمات الأساسية ، ولم تستعن
بوسائل الوقاية من التلوث البيئي لمواجهة الآثار التي تحدثها العواصف
الترابية ، كما أنها لم تبد نيتها المواجهة في الأساس).

توقيع {اسير & الدموع}

انت الآن تتصفح منتديات عيون العراق - - نورت وطنك

يشرفنا انضمامك معنا فى منتديات عيون العراق - - نورت وطنك

الأتربة المتناثرة في العراق

الأتربة المتناثرة في العراق

مواضيع مماثلة

مواضيع مماثلة