علي بن أبي طالب أعجوبة الخالق ومعجزة الرسول
منتدى عيون العراق
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

احبتنا زوار الموقع الكرام نود اعلامكم جميعا بان المنتدى مفتوحاً للجميع
لذلك فلا تبخلوا علينا بزيارتكم والتصفح ولو بالقراءة والدعاء

لا نريد ان نجبركم على التسجيل للتصفح نريدكم فقط ان استفدتم شيئاً من الموقع بان تدعو من قلبك لصاحب الموضوع والعاملين بالموقع

ودمتم بحفظ الله ورعايته
"خير الناس أنفعهم للناس"

ايميل المنتدى :meew_a@yahoo.com
منتدى عيون العراق
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

احبتنا زوار الموقع الكرام نود اعلامكم جميعا بان المنتدى مفتوحاً للجميع
لذلك فلا تبخلوا علينا بزيارتكم والتصفح ولو بالقراءة والدعاء

لا نريد ان نجبركم على التسجيل للتصفح نريدكم فقط ان استفدتم شيئاً من الموقع بان تدعو من قلبك لصاحب الموضوع والعاملين بالموقع

ودمتم بحفظ الله ورعايته
"خير الناس أنفعهم للناس"

ايميل المنتدى :meew_a@yahoo.com


انت الآن تتصفح منتديات عيون العراق - - نورت وطنك



تسجيل الدخول السريع
معطل حاليا , نرجو منك
استخدام هذا الرابط بدلا
منه .. تسجيل الدخول

التسجيلتعليماتالمجموعات التقويممشاركات اليومالبحث

يشرفنا انضمامك معنا فى منتديات عيون العراق - - نورت وطنك

أهلا وسهلا بك في منتديات عيون العراق - - نورت وطنك.
أهلا وسهلا بك ضيفنا الكريم، إذا كانت هذه زيارتك الأولى للمنتدى، فيرجى التكرم بزيارة صفحة التعليمــات، بالضغط هنا كما يشرفنا أن تقوم بالتسجيل بالضغط هنا إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى، أما إذا رغبت بقراءة المواضيع والإطلاع فتفضل بزيارة القسم الذي ترغب أدناه.

 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول


ملاحظة: كل مايكتب في هذا المنتدى لا يعبر عن رأي إدارة منتدى عيون العراق أو الأعضاء بل يعبر عن رأي كاتبه فقط

آخر المواضيع
الموضوع
تاريخ ارسال المشاركة
بواسطة
هذه الطفلة ...من تكون من الممثلات ؟
اي منهن نفرتيتي زوجة فرعون في يوسف الصديق
في ايران اقتناء الحمير بدل الانجاب
طلب كود جعل الرئيسية والازرار مثل في بي
زفاف نادين عجرم اخت نانسي عجرم
صور براد بيت
من1-10واهدي بوسه للعضو الي تبيه
فیلم محمد (ص) ينتصف مرحلة التصوير
استايل منتديات طلاب غرادايه لعام 2012 الازرق الاحترافي تصميم اكاديميه التعليم العربي
الستايل الازرق من توب لاين الان لاحلى منتدى حصريا بكل اكواد css والله يخلي منتداك احلى من الفي بي
الخميس أكتوبر 11, 2012 5:38 pm
الخميس أكتوبر 04, 2012 5:19 pm
السبت سبتمبر 15, 2012 6:18 am
الإثنين أغسطس 20, 2012 10:01 pm
الأربعاء يوليو 25, 2012 8:29 pm
الأربعاء يوليو 25, 2012 8:26 pm
الأربعاء يوليو 25, 2012 8:17 pm
الأربعاء يوليو 18, 2012 5:46 pm
الخميس يونيو 21, 2012 1:06 am
الأحد يونيو 17, 2012 8:05 pm











شاطر

علي بن أبي طالب أعجوبة الخالق ومعجزة الرسول

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل
كاتب الموضوعرسالة
{اسير & الدموع}
{اسير & الدموع}


المدير العام

المدير العام

معلومات اضافية
ذكر
عدد المساهمات : 448
تاريخ التسجيل : 02/08/2011
الموقع : https://iraqeyes.own0.com

علي بن أبي طالب أعجوبة الخالق ومعجزة الرسول Empty
https://iraqeyes.own0.com
مُساهمةموضوع: علي بن أبي طالب أعجوبة الخالق ومعجزة الرسول علي بن أبي طالب أعجوبة الخالق ومعجزة الرسول Emptyالثلاثاء أغسطس 16, 2011 11:28 pm

« إن الله تبارك وتعالى خلق عليّاً من نوري وخلقني من نوره، وكلانا نور واحد »
الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله









مرّت على
أبي طالب عليه السلام ساعات رهيبة كان خلالها في سورة عميقة من
الحزن، وموجة زاخرة من الهم، لا يهدأ له بال، ولا يكاد يستقر على حال.


أقبل
الليل على شيخ الأبطح فزاد ظلامه الحالك في ظلمة نفسه فجعلها تتخبط
في ديجورها، وتسترسل في همومها، تقضي الليل ساهرة حائرة لا تستضيء بنور،
ولا تهتدي إلى طريق.


هدأت
الأصوات في بطحاء مكة، وهجعت العيون، ولكن عين أبي طالب يقظى لا
يخالها الوسن، ولا يطوف بها الكرى وإنما هي على الدوام مسهدة يؤرقها الهمّ،
ويزيد في تسهيدها الفكر المضطرب.


كانت
خواطره المبرحة تثور في نفسه كلما رأى أم الأشبال فاطمة بنت أسد
عليها السلام أمام ناظريه قد فاجأها المخاض، واعتراها الاعسار وشدة الطلق.


وكانت
عواطفه الفياضة تأبى عليه أن يرتاح أو يطمئن إلى مضجع، ولكنه ماذا
يصنع وليس له من الأمر شيء وإنما الأمر كله بيد الله عزّوجل.
فكر أبو طالب عليه السلام في الأمر طويلا فأعياه الفكر ولكن بارقة من
الأمل المعسول التمعت في ذهنه بددت تلك الهموم، وكشفت تلك الغياهب،
وجعلت نفسه هادئة مطمئنة.


إن أبا
طالب كان شديد الاخلاص لله قوي الايمان به، وحري بمن كان بهذه الصفة
أن يتقدم إليه بحاجاته، وأن يلجأ إليه في مهماته، وهذا هو الذي حدا
الشيخ الجليل بأن يتوسل في البيت الحرام فأخذ بيد فاطمة وجاء إلى الكعبة
فدخل بها ثم رجع أدراجه مرتاح الضمير معتقداً كل الاعتقاد بعطف الله
وحنانه.

ربّي إني بك مؤمنة


أما
فاطمة بنت أسد عليها السلام فقد ابتهلت إلى الله عزّوجل بكلمات ملؤها
الايمان بعظمة الله وكتبه راجية منه أن يسهل ولادتها. وييسر لها ما تعسر
من أمرها فقد تمسكت بأستار الكعبة وأنشأت تقول ‹ربّي اني مؤمنة بك،
وبما جاء من عندك من رسل وكتب، واني مصدقة بكلام جدي إبراهيم الخليل
وانه نبي البيت العتيق، فبحق الذي بنى هذا البيت، وبحق المولود
الذي في بطني لما يسرت عليّ ولادتي›.


وليس
غريباً أن تواجه فاطمة ربّ البيت بمثل هذا الكلام الطافح بالايمان
والعقيدة، لأن بنت أسد وسائر بني هاشم كانوا جميعاً يدينون بدين جدهم
ابراهيم الخليل عليه السلام دين الايمان والتوحيد والاخلاص، أما ما
يظهر من معرفتها بمولودها، وعلمها بمكانته ومنزلته فمنشأ ذلك
اعتمادها على الكهنة والرهبان الذين كانوا يبشرون بهذا المولود،
وكان ابو طالب يدعو الله متوسلا إليه بوليده فيقول:

أدعــوك رب البيـــت والطواف
بالواحــد المحـبـو بالـعفــاف
وانك لتلمس مدى عواطفه الفياضة، وأشواقه الحارة لهذا الشبل بقوله:
أطـــوف لـلالـه حـــول الـبيـت
أدعوك بالرغبة محي الميت
بأن تريني الشبل قبل الـموت
غــرّ نــور يا عــظيم الــصوت
الله تعالى يمنّ على أبي طالب


أجل لقد
مَنَّ الله على أبي طالب بأن يولد هذا المولود بأبرك يوم من أشرف
شهر في أقدس بقعة، فقد ولد يوم الجمعة الثالث عشر من شهر رجب داخل بيت الله
الحرام فطبّق نوره الأصقاع، وعمّ كافة الأرجاء، وقد كان من فضل
الله على هذا المولود أن جعل ولادته في بيته إشعاراً برفعته، فان
ولادته في البيت مزية من مزاياه الخاصة به، تفرد بها على من سواه،
فقد أجمع المؤرخون كافة على أن ليس في البيت مولود في جاهلية أو
اسلام غير علي عليه السلام ولله درّه ودر والدة أنجبته، وفي ذلك
يقول الحميري:

ولـدتـه في حـرم الالـه وأمـنـه
والبـيت حيث فناؤه والمـسجدُ
بـيـضـاء طاهـرة الـثـياب كريمة
طابـت وطـاب وليدها والمولودُ
في ليلة غابـت نحـوس نجومها
وبـدامـع القمـر المنير الأسعدُ
ما لفّ في خـرق القوابل مثلـه
إلا ابـن آمنة النـبـيّ مـحــمـدُ
وليّ الله يولد في الكعبة


استقبل
ابو طالب يوم الجمعة الأغر بالطلاقة والبشر ذلك لأنه ولد له فيه ذلك
المولود السعيد الذي كان ينتظره بفارغ الصبر، فهبّ مسرعاً يهرول نحو
البيت منادياً (أيها الناس ولد في الكعبة وليّ الله عزّوجل) يواجه
الناس بهذه البشارة السارة لأنه كان يعتقد أنّ علياً جاء للناس كافة، ينشر
العلم، ويبث العدل. ويحقّ الحق، ويزهق الباطل، يطيع الله تعالى إذا
عصاه الناس، ويتبع أوامره ونواهيه إذا انصرفوا عنها، يحبه وينصره،
ويبذل في سبيله كل غالٍ ورخيص، فهو في نظره وليّ الله حقاً، وإذا
كان ولياً لله فحري بأن تكون ولادته مدعاة للسرور، وجدير بأن يكون
هذا الجذل عاماً يشمل عامة الناس وخاصتهم، ولعل ولادة الامام في
البيت ـ الامر الذي لم يسبق مثله في التأريخ ـ كانت دليلا قوياً
تقرّب إلى ذهن شيخ الأباطح عظمة علي سلام الله عليه ومحبته ونصرته
لله تعالى.


(أيها
الناس ولد في الكعبة وليّ الله) يقول ذلك أبو طالب كأنه كان يعتقد
أن الناس جميعاً يستطلعون أخبار هذا الوليد، وينتظرون قدومه، أو انه
لعلمه بعظمته يرى أنَّ الجدير بهم أن يكونوا شركاءه في السرور فهو ينزلهم
هذه المنزلة ثم يخاطبهم بمثل هذا الخطاب اللائق بمقام وليده الجديد.

أنا وعلي من نور واحد


سار يعدو
نحو البيت، وتبعه على الأثر الصادق الأمين صلى الله عليه وآله فدخل
البيت وأخذ علياً فكبّر في اذنيه ثم احتضنه وضمه الى صدره وسار به ـ
ووراءه أبو طالب وفاطمة ـ حتى أوصله الكعبة الثانية بيت أبي طالب بيت
المجد، وندوة شيبة الحمد.


وقد شاء
الله أن ينتقل هذا المولود من أصلاب شامخة إلى أرحام مطهرة، فانظر
إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كيف يصفه عليه السلام فهذا جابر بن
عبد الله يحدثنا فيقول: ‹سألت رسول الله عن ميلاد علي بن أبي طالب.
فقال: قد سألتني عن خير مولود ولد في شبه المسيح، إن الله تبارك
وتعالى خلق علياً من نوري، وخلقني من نوره، وكلانا من نور واحد، ثم
انّ الله عزّ وجل نقلنا من صلب آدم في اصلاب طاهرة إلى أرحام طاهرة
زكية، فما نقلت من صلب إلا ونقل علي معي فلم يزل كذلك حتى استودعني
خير رحم وهي آمنة، واستودع علياً خير رحم وهي فاطمة بنت أسد› وإذا
كان علي خير مولود بنص النبي الكريم، وكان الوصي والنبي من نور واحد
فما عسى الإنسان أن يقول؟؟ وليس ثمة متسع لقول، ولا مجال لقائل.


أجل
إنهما من نور واحد تنقل في مختلف العصور من صلب إلى صلب حتى جاء دوره
الأخير فانشطر شطرين، شطراً في عبد الله، وشطراً في أبي طالب، فكان الشطر
الأول للنبوة والرسالة، والشطر الثاني للوصاية والإمامة، فما أعظم
هذا النبيّ، وما أجلّ هذا الوصيّ.


وليس من
العجيب إذن على مثل هذا الوليد أن يبذر الله بذرته في بقعته، وأن
يسارع الرسول في حمله إلى بيته، فقد كان جديراً بأن يرى من الله عزّوجل هذه
العناية، وحرياً بأن يشاهد من رسوله هذه الرعاية.

بركات وليد الكعبة


بلغ
الناس خبر ولادته عليه السلام فتسابقوا إلى أبي طالب عميد الهاشميين،
يقدمون عليه زرافات ووحداناً فرحين مستبشرين، يهنئونه بالميلاد السعيد،
وقد قابل عواطفهم الفياضة، وشعورهم السامي بما عرف عنه من بشر
وأخلاق ونبل، وأولم على شرف ولده وليمة دعا لها أشراف البلاد
وسراتها وكانت على جانب عظيم من الابهة والفخامة، تليق بمقام الزعيم
العظيم، وتتناسب وولادة شبله الكريم.


وما فرغ
هذا الجمع الحاشد من الدعوة حتى استأذنوا شيخ الأبطح في الدخول على
علي فأذن لهم فدخلوا وكلهم يتطلعون إليه، ويتسابقون شوقاً لمشاهدته، ثم
رجعوا وهم يرتلون آيات الحمد ذاكرين شاكرين.


أما رسول
الله صلى الله عليه وآله فقد كان فرحه شديداً بميلاد ابن عمه
وأخيه، وانه صلى الله عليه وآله ليرى ان سنة ولادته سنة خير ورحمة، ‹ولد
لنا مولود يفتح الله علينا به أبواباً كثيرة من النعمة والرحمة›
وكان من بوادر هذه الرحمة أن أصبح الرسول صلى الله عليه وآله يسمع
الهاتف من الأحجار والأشجار، وكشف عن بصره فاذا به يشاهد أنواراً
وأشخاصاً، وما كان ليسمع أو يرى مثل ذلك قبل هذا الميلاد السعيد
الطافح بالمسرات والخيرات.


أجل كان
ميلاده رحمة لهذه الامة، فقد ولد ليكون للدين ناصراً وولياً،
وللرسول أخاً ووصياً، وللمسلمين كهفاً وإماماً، يضيء لهم السبيل، ويهديهم
الصراط المستقيم.


وكان لا
بد لهذا المولود أن يولد في وقته، وكان لا بد لهذا الكائن الحي أن
يوجد في زمانه وظرفه، فبه اعتز الدين، وبحسامه أباد الظالمين، وأدب
الناكثين، والقاسطين، والمارقين.

فــلـولا أبــو طــالـب وابنه
لمـا رفع الدين شخصاً وقاما
فهذا بمـكـة آوى وحامـى
وهـذا بيثـرب شام الحسـاما
لابدّ للإسلام من علي


ولد أمير
المؤمنين عليه السلام قبل المبعث بعشر سنين على أشهر الأقوال، وبعد
ميلاد النبي صلى الله عليه وآله بثلاثين سنة، وكان صلى الله عليه وآله
قاب قوسين أو أدنى من النبوة، يوشك أن يرسل للبشرية عامة في دينه
الجديد دين السلام والاسلام.


ولا شك
أن مثل هذا الدين الذي بدئ غريباً في نظر الناس يحتاج إلى أعوان
مخلصين، وأتباع مجاهدين، يفدون الرسول بأموالهم، وأنفسهم وأهليهم، ويضحون
في سبيل دينهم القويم كل ما لديهم ليستقيم أمره، ويضوع نشره وعند
ذلك يجئ النصر والفتح، ويدخل الناس في دين الله أفواجا.


فمن ذلك
المحبّ الناصر؟؟ ومن ذلك السيف الباتر؟؟ ومن ذلك القائد المجاهد؟؟
ومن ذلك الذي يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله؟؟ ومن ذلك الذي سيؤازر النبي في
حمله؟؟ ويشاركه في مهمته ثم يخلفه على الأمة من بعده؟ ذلك من غير شك
هو وليد البيت علي بن أبي طالب فهو أسد الله، وأسد رسوله، وهو
سيفهما المسلول، وحسامهما المصقول، وزوج الزهراء البتول، وأبو
الائمة الطاهرين، أعلام الورى، وائمة الهدى.


إذن لا
بدّ لهذا الدين من علي، ولا بد لرسول الله من هذا المجاهد الكمي،
يؤمن به إذا كفر الناس، وينصره إذا عزّ الناصر، ويقيه بمهجته إذا احتاج
الرسول إلى المفاداة.






لا إمام سوى الحق:

كلنا يقول: ‹لا إمام سوى الحق›. ولكن الكثرة الغالبة تقول هذا، وفي الوقت نفسه ترفض الحق، ولا تعمل به!..
وإليك هذا
المثال: إن الحق يقول أنت مسئول عن خطئك قبل أن تكون مسئولا عن خطأ غيرك.
وأيضاً يقول الحق: كل خطأ يجوز على غيرك فإنه يجوز عليك من غير تفاوت..
لأن الخطأ قد ينشأ عن هوى النفس. أو يكون أثراً من آثار البيئة والتربية،
أو نتيجة لبحث ناقص.. وكل هذا، وما إليه جائز عليك، تماما كما هو جائز على
غيرك... ولست في عصمة من الخطأ دون سواك.

فإذا نظرت
إلى نفسك على أنك مصيب ومحق مئة بالمائة، وغيرك مخطئ مبطل مئة بالمائة دون
أن تنظر إلى أدلته، وتبحثها بحثاً وافياً، إذا كان كذلك فقد اتخذت إماماً
سوى الحق، وبالتالي فأنت كاذب في دعواك بأن الحق وحده هو مثلك الأعلى،
ورائدك الأول.

أجل، إن ما
يعتقده غيرك قد يكون خطأ، ولكن احتمال العكس قائم فمن الجائز أن يكون
لاعتقاده أساس من الواقع، فإذا جزمت بانه مخطيء على كل حال صح الحكم عليك
بأنك أنت المخطيء لاستعجالك وتسرعك أما هو فلا يحكم عليه بشيء إلا بعد
البحث والدرس.

ولكي تتجنب
الخطأ، ولا توقع نفسك بالتهافت والتناقض.. عليك أن تتوقف عن الحكم، حتى
على من خالف آبائك واجدادك في العقيدة؛ ثم تبحث عن الطريق الصحيح الذي
يؤدي بك إلى اليقين سلباً إو إيجابياً...

ويختلف هذا
الطريق باختلاف طبيعة الشيء الذي تريد معرفته، فقد يكون الطريق النظر أو
اللمس إذا كان الشيء المشكوك فيه مما يرى بالعين، أو يلمس باليد، وقد يكون
العقل إذا كان من القضايا العقلية، وقد يكون السمع، كما لو قرأت أو سمعت
أن محمداً صلى الله عليه وآله نص على علي بن أبي طالب بالخلافة فان أبسط
قواعد العلم تفرض عليك ان تشك في قوله، ولا تجزم بصدقه ولا بكذبه، ثم تبحث
عما يزيل شكك هذا في كتب الحديث المعتبرة عندك.

وتسأل: إن
الطريق إلى معرفة الحق والصواب موجود، ما في ذلك ريب، ولكن ليس كل من أخطأ
يشعر بخطئه، كي يرجع إلى مقاييس الحق، ولا كل من شعر بالخطأ رجع عنه...
إذن، ما هو الطريق الذي يجب أن نتخذه تجاه من يصر على الخطأ عن قصد، أو
غير قصد؟

الجواب:
أما من أصر على الخطأ عن قصد فلا دواء له، ولا أمل في شفائه، لأنه لا يريد
الرجوع عن خطأه، وإن أتيته بألف دليل ودليل، وما حاول اقناعه أحد إلا
اصطدم معه اصطداماً عنيفاً... وأما من أصر على الخطأ عن غير قصد فعلينا أن
نبين له، ونكرر محاولين اقناعه على قدر الامكان.

لا إمام سوى العقل:

لا إمام
سوى العقل... هذه حقيقة نزل بها القرآن الكريم، وصدع بها الرسول الأعظم
صلى الله عليه وآله، وخاطب بها النوع البشري بكامله؛ وأمر كل انسان أن
يتخذ العقل إماماً؛ ورائداً له في كل شيء، حتى الغيث ما هو بشيء إذا لم
يأمر العقل باتباعه والإيمان به، فقد جاء في الحديث: ‹أصل ديني العقل›.

وبديهة ليس
العقل شيئاً نراه بالعين، ونسمعه بالأذن، وانما هو قوة خفية فينا نحسها
ونلمسها... ومعنى امامة العقل هو امامة الحق الذي يأمر العقل باتباعه
وطاعته، فكل من كان دائماً مع الحق، والحق معه فهو إمام بحكم العقل والدين.

وتسأل؟ هل يوجد رجل بهذا الوصف؟
أجل؛ إن رسول الله صلى الله عليه وآله على هذا الوصف؟
سؤال ثانٍ: وهل يوجد غير محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله على هذا الوصف؟
أجل، من شهد محمد صلى الله عليه وآله بأنه دائماً مع الحق، والحق معه فهو على هذا الوصف.
والمعروف بين المسلمين جميعاً أن محمداً شهد بذلك لعلي بن أبي طالب.
ومعنى علي مع الحق، والحق معه يدور معه كيفما دار، أنه العالم الذي لا
يخطيء أبداً؛ والعادل الذي لا يظلم أبداً، والمطيع الذي لا يعصي الله
أبداً...

وإذا لم يأمر الدين والعقل بطاعة من هذه صفاته لم يبق للإنسانية من معنى ولا وزن.
من الطريف:

ومن الطريف
قول من قال: إن الخلفاء الذين تقدموا علياً هم على حق، لأن الحق مع علي
بشهادة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله، وعلي مع الخلفاء، فالنتيجة أن
الحق مع الخلفاء، قالوا: هذا، وفي الوقت نفسه قالوا بتصويب عبد الرحمن بن
عوف الذي قال لعلي: أبايعك على كتاب الله وسنة نبيه، وطريقة الشيخين، مع
العلم بأن علياً رفض السير على طريقهما.

أرأيت إلى
هذا التهافت؟... حديث علي مع الحق كما يدل أنه على حق يدل على أن الشيخين
على حق أيضا، لأن معهما... ومع ذلك لا يكون على حق إلا إذا تابع
الشيخين... وهل هذا المنطق إلا كقول القائل جميع ما عند خليل ورثه من أبيه
إبراهيم، وكل ما كان عند إبراهيم ورثه من ابنه خليل...

ومن
التهافت ما جاء في صحيح البخاري، أول كتاب الفتن ما نصه بالحرف الواحد:
‹قال النبي صلى الله عليه وآله أنا فرطكم على الحوض، ليرفعن إلي رجال
منكم، حتى إذا أهويت لأناولهم اختلفوا دوني – أي أخذوا ـ فأقول: أي ربي
أصحابي... يقول: لا تدري ما أحدثوا بعدك›.

وفي صحيح مسلم القسم الثاني من الجزء الثاني ص 61 طبعة 1348هـ .
قال النبي صلى الله عليه وآله: إني على الحوض أنتظر من يرد عليّ منكم،
فوالله ليقطعن دوني رجال، فأقولن: أي ربي مني ومن أمّتي... فيقول: لا تدري
ما عملوا بعدك؟ ما زالوا يرجعون على أعقابهم.

وهذا يتفق تماما مع الآية 144 من سورة آل عمران:
(وَما مُحَمّدٌ إلا رَسولٌ قَدْ خَلَتْ من قبلهِ الرّسلُ أفإنْ مات أوْ قُتلَ انقلبتُمْ على أعقابكم).
ومع ذلك قالوا: إن جميع الصحابة عدول لا تطلب تزكيتهم... وفي اعتقادنا أنه
لا سبب لهذا الإصرار إلا انهم لا يريدون شكا في صحة خلافة الخلفاء، ولا
إصغاء إلى الدليل الصحيح، حتى ولو كان القرآن الكريم، وصحيح مسلم
والبخاري... كيف؟ وهل يجوز الشك في عقيدة الآباء والأجداد، وهي الأساس
والمقياس لصدق الآيات القرآنية، وصحة الأحاديث النبوية؟!...















«يا علي! لولا
أني أخشى أن تقول فيك فئة من الناس ما قالت النصارى في عيسى بن مريم
لقلت فيك مقالة، ألّا تمرّ على أحد من الناس إلا أخذوا التراب من
تحت قدميك».

النبيّ الأكرم صلى الله عليه وآله
«علي أبن أبي طالب لأعظم رجل عربي بعد النبي»
ميخائيل نعيمه
«الإمام علي بن أبي طالب، عظيم العظماء، نسخة مفردة لم ير لها الشرق ولا الغرب صورة طبق الأصل لا قديماً ولا حديثاً»
شبلي الشميّل
«ما هو من الآدميين إلا بمقدار ما يسمّون بمقياس الضمير والوجدان»
جورج جرداق








تسلّم
الإمام أمير المؤمنين عليه السلام قيادة الحكم بعد الإطاحة بحكومة عثمان
بن عفّان، وقد أعلن بين المسلمين معالم سياسته الداخلية والخارجية،
وأكّد بصورة حازمة اهتمامه البالغ بأمر الخراج وسائر ما تملكه الدولة من
وارداتها المالية، وأنّها ملك للشعب، وليس له أن يصطفي فيها لنفسه
وذويه، وإنّما يجب أن تنفق على تطوير حياة المواطنين، وإنقاذهم من غائلة
الفقر والحرمان، كما يجب أن تهيّأ لهم الفرص المتكافئة للعمل لئلا تشيع
البطالة والجريمة في البلاد.


إنّ من
أهمّ البرامج في السياسة الاقتصادية عند الإمام هو إشاعة الرخاء وانعاش
عامّة الشعوب الإسلامية، وتوزيع خيرات البلاد التي تعود للدولة على جميع
من يقطن في بلاد الإسلام، وعدم احتكارها لقوم دون آخرين، كما كان الحال في
أيام عثمان بن عفّان الذي منح الثراء العريض لبني اُميّة وآل أبي معيط،
وغيرهم ممّن ساروا في ركابه، فتكدّست الثروة عند فئة من الناس حتّى ترك
بعضهم بعد موته من الذهب ما يكسّر بالفؤوس في حين أنّ المجاعة قد انتشرت
عند الكثيرين من الناس.


وقد
اتّسم موقف الإمام عليه السلام بالشدّة والصرامة على هؤلاء الذين نهبوا
أموال المسلمين بغير حقّ، فأصدر أوامره الحاسمة بمصادرة جميع الأموال التي
اختلسوها من بيت المال، وتأميمها للدولة، وقد قال في الأموال التي عند
عثمان:


وَاللهِ!
لَوْ وَجَدْتُهُ – أي المال – قَدْ تُزُوِّجَ بِهِ النِّساءُ، وَمُلِكَ
بِهِ الإِماءُ، لَرَدَدْتُهُ، فَإنَّ في العَدْلِ سَعَةً. وَمَنْ ضَاقَ
عَلَيْهِ العَدْلُ، فَالجَوْرُ عَلَيْهِ أضيَقُ!.
هكذا كانت سيرة رائد العدالة، ومعلن حقوق الإنسان، الصرامة في الحقّ التي لا هوادة ولا مداهنة فيها.

سياسته الداخلية


أجهد
الإمام علي بن أبي طالب سلام الله عليه نفسه على أن يسوس الناس بسياسة
مشرقة قوامها العدل الخالص، والحقّ المحض، وينشر الرفاه والأمن، ويوزّع
الخيرات على العباد بالسواء، فلا يختصّ بها قوم دون آخرين...
وهذه شذرات من سياسته الداخلية:

المساواة


وتبنّى
الإمام عليه السلام في جميع مراحل حكمه المساواة والعدالة بين الناس، فلا
امتياز لأي أحد على غيره، وهذه بعض مظاهر مساواته:



1. المساواة في العطاء:
وساوى الإمام عليه السلام في العطاء بين المسلمين وغيرهم، فلم يقدّم عربياً
على غيره، ولا مسلماً على مسيحي، ولا قريباً على غيره، وسنتحدّث عن كثير
من مساواته في العطاء الأمر الذي نجم منه أنّه تنكّرت له الأوساط
الرأسمالية وأعلنوا الحرب عليه.




2. المساواة أمام القانون:
وألزم الإمام عمّاله وولاته على الأقطار بتطبيق المساواة الكاملة بين الناس
في القضاء وغيره، قال عليه السلام في إحدى رسائله إلى بعض عمّاله:
‹فَاخْفِضْ لَهُمْ جَناحَكَ، وَألِنْ لَهُم جَانِبَكَ، وَابْسُطْ لَهُمْ
وَجْهَكَ، وَآسِ بَيْنَهُمْ فِي اللَّحْظَةِ وَالنَّظْرَةِ، حَتّى لا
يَطْمَعَ العُظَمَاءُ فِي حَيْفِكَ لَهُمْ، وَلا يَيْأَسَ الضُّعَفَاءُ
مِنْ عَدْلِكَ...›.


3. المساواة في الحقوق والواجبات:
ومن مظاهر المساواة العادلة التي أعلنها الإمام عليه السلام المساواة بين
المواطنين في الحقوق والواجبات، فلم يفرض حقّاً على الضعيف ويعفُ عن
القوى، بل الكلّ متساوون أمام عدله.

المواساة


من
برامج سياسة الإمام أمير المؤمنين عليه السلام مواساته للفقراء والضعفاء
في جشوبة العيش ومكاره الدهر، وقد أعلن عن مواساته للشعوب الإسلامية
بقوله: ‹أ أقنَعُ مِن نَفسي بِأنْ يُقالَ: هذَا أميرُ المُؤمنينَ، وَلا
اُشارِكُهُمْ في مَكارِهَ الدَّهرِ، أوْ أكون اُسوَةً لهُم في جشوبَةِ
العيشِ!.. وَلعلَّ بالحِجاز أو اليَمامَةِ مَنْ لا طَمَعَ لَهُُ في
القُرْص...


وَحَسْبُكَ دَاءً أنْ تَبيتَ بِبِطْنَةٍ وَحَولَكَ أكْبادُ تَحِنُّ إلى الْقِدِّ›
هذه مواساته للمحرومين والفقراء، وليس في تاريخ الإسلام وغيره حاكم واسى رعيّته في آلامهم وبؤسهم وفقرهم غيره.

إلغاء التفاخر بالآباء


ونهى
الإمام عليه السلام رعيّته عن التفاخر بالآباء والأجداد والمباهات بالبنين
والأموال، وغير ذلك من التفاخر بما يؤول أمره إلى التراب.


إنّ
التفاخر والتفاضل إنّما هو بعمل الخير، وما يسديه الإنسان لوطنه واُمّته
من ألطاف ينتعش بها الجميع وتتطوّر به حياتهم الفكرية والاجتماعية، أمّا
غير ذلك فهو من الفضول الذي ليس وراءه إلا السراب.

منع الشطرنج


ومنع
الإمام في دور حكومته من اللعب بالشطرنج، فقد مرّ على قوم يلعبون به فقال:
ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون، وقلب الرقعة عليهم.

نهيه عن الجلوس في الطريق


ومنع عليه السلام الناس في الكوفة من الجلوس على ظهر الطريق؛ لأنّه مظنّة للتعرّض لأعراض الناس، فكلّمه الكوفيون في ذلك فقال لهم:
‹أدَعَكُمْ عَلى شَرِيْطَةٍ؟›.
قالوا: وماهي يا أمير المؤمنين؟
قال: ‹غضُّ الأبصارِ، وَرَدُّ السلامِ، وَإرْشادُ الضّالِّ›، قالوا قد قبلنا فتركهم.

حرقه لمحلات الخمر


أمّا
الخمر فإنّه من الجرائم التي تصدّ عن ذكر الله وتلقي الناس في شرّ عظيم،
وقد اتّخذ الإمام جميع الإجراءات لمنع انتشاره بين الناس، وقد حرق الإمام
قرية من قرى الكوفة يباع فيها الخمر.

انشاؤه بيتاً للمظالم


وأنشأ
الإمام بيتاً للمظالم أنشاه للذين لا يتمكّنون من الوصول إلى السلطة، وكان
عليه السلام يشرف عليه بنفسه ولا يدع أحداً يصل إليه فيطّلع على الرقاع،
ويبعث خلف المظلوم ويأخذ بحقّه من الظالم، ولمّا صارت واقعة نهروان ورجع
إلى الكوفة فتح باب البيت فوجد الرقاع كلّها مليئة بسبابه وشتمه، فألغى
ذلك البيت.

شرطة الخميس


وأحدث
الإمام عليه السلام جهازاً للمحافظة على الأمن ومراقبة الأحداث، وقد سمّاه
(شرطة الخميس)، وقد اختار لها خيرة الرجال في إيمانهم وتحرّجهم في الدين،
وكان منهم المجاهد الشهيد حبيب بن مظاهر وعِفاق بن المُسَيْح الفزاري.

مع رجل طويل الذيل


رأى الإمام عليه السلام رجلاً طويل الذيل في لباسه فقال عليه السلام:
‹يا هذا، قَصِّرمِنْ هذا، فَإنّهُ أنقى، وَأبقى، وأتقى›.

تقديمه لقنبر عليه


وكان من
مظاهر عدله وسموّ ذاته أنّه قدّم خادمه قنبراً على نفسه في لباسه وطعامه،
فقد اشترى ثوبين أحدهما بثلاثة دراهم والآخر بدرهمين، فقال لقنبر: خذ
الثوب الذي بثلاثة دراهم، فقال قنبر:


أنت أوْلى به يا أمير المؤمنين، أنت تصعد المنبر وتخطب؟ فقال عليه السلام:
‹يا قنبَرُ، أنْتَ شابُّ، وَلَكَ شَرَهُ الشَّبابِ، وَأنا اسْتَحِي مِنْ رَبِّي أنْ أتَفَضَّلَ عَلَيكَ..›.

أمرُهُ بكتابة الحوائج


وأصدر الإمام عليه السلام مرسوماً بكتابة الحوائج وعدم ذكر أسمائهم، فقد قال عليه السلام لأصحابه:
‹مَنْ كانَتْ لَهُ إلَيَّ مِنكُم حاجَة فليرفَعْها فِي كتابٍ لأصُونَ وُجُوهَكُم مِن المسألَةِ›.

مدير شرطة الإمام


أمّا مدير شرطة الإمام فهو من خيار الرجال، وهو معقل بن قيس الرياحي.
كاتبه


أمّا كاتبه فهو سعيد بن نمران سيّد همدان، وكان الإمام يقول للكاتب:
‹فَرِّج ما بَيْنَ السُّطُورِ، وَقَرِّبْ بَيْنَ الحُرُوفِ›.
ومن الجدير بالذكر أنّ الخلفاء الذين سبقوا الإمام كانوا يستكتبون بعض
الأشخاص من الذين خانوهم، فكان مروان كاتباً لعثمان وقد خانه، وهو الذي
أشعل الرعية حرباً عليه، ولكن لمّا آل الأمر إلى عليّ اشتدّ في الأمر،
وبذل المزيد من الاهتمام بما لم ير مثله.


وكان من كتّابه عبيد الله بن أبي رافع مولى النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
الصراحة والصدق


والشيء
البارز في سياسة الإمام عليه السلام التزام الصراحة والصدق في جميع شؤون
حياته، فلم يوارب ولم يخادع ولم يداهن في دينه، وسار على منهج أخيه وابن
عمّه رسول الله صلى الله عليه وآله، ولو أنّه التزم بالأعراف السياسية
السائدة في عصره وغيره لمّا آلت الخلافة إلى عثمان بن عفّان، فقد ألحّ
عليه عبد الرحمن بن عوف أن يبايعه شريطة أن يسير بسيرة الشيخين، فامتنع من
إجابته، وصارحه أنّه يسوس الاُمّة بمنهاج الكتاب والسنّة وليس غيرهما
رصيداً يستند إليه في عالم السياسة والحكم، لقد أبى ضميره الحيّ أن يخادع
أو يماكر في سبيل الوصول إلى السلطة، فقد زهد فيها، وتنكّر لجميع
مغرياتها، وكان كثيراً ما يتنفّس الصعداء من الآلام المحيطة به من جرّاء
خصومة القرشيين، فكان يقول:


‹وَا
وَيْلاهُ! يَمْكُرُون بِي، وَيَعْلَمونَ أنّي بِمَكْرِهِمْ عالِمُ،
وَأَعْرَفُ مِنهُم بوُجوهِ المَكرِ، ولكِنّي أعلمُ أنَّ المكْرَ والخديعةَ
في النّار، فَأصْبِرُ على مكْرِهِمْ وَلا أرْتكِبُ مِثْلَ ما ارتكَبوا›.


وردّ على من قال فيه إنّه لا دراية له بالشؤون السياسة وإنّ معاوية خبير بها قال عليه السلام:
‹وَاللهِ! ما معاويةُ بأدهى منّي، ولكنَّهُ يغدِرُ ويفجُرُ، وَلولا كراهية الغدْرِ لكُنتُ من أدهى الناس›.
وأنكر على بعض الناس الذين يتوسّلون ويستخدمون جميع الوسائل للوصول إلى الحكم، وقد برّروا ذلك بأنّها حيلة منهم قال عليه السلام:
‹وما يغدِرُ مَن عَلِمَ كيفَ المرجعُ. وَلقدْ أصبحنا في زَمانٍ قَدِ
اتَّخذَ أكثرُ أهلهِ الغدرَ كَيساً، ونسبهم أهلُ الجهْلِ فيهِ إلى حُسن
الحيلةِ. مالهم! قاتلهمُ الله! قد يرى الحُوَّلُ القُلَّبُ وجْه الحيلةِ
ودونها مانعٌ من أمرِ الله ونهيِهِ، فيدعُها رأْيَ العينِ بعدَ القدرةِ
عليها، وينتهزُ فُرصتها مَنْ لا حريجَةَ لهُ في الدِّين›.


على هذا الخلق الرفيع بنى الإمام سياسته الرشيدة التي لا التواء ولا خداع فيها، والتي كانت السبب في خلوده في جميع الأجيال والآباد.
إلغاء المهرجانات الشعبية


ولم
يحفل الإمام عليه السلام بالمهرجانات الشعبية ونفر منها، وكان من ذلك أنّه
لمّا قدم من حرب الجمل واجتاز على المدائن خرج أهلها لاستقباله، وعلت
زغردة النساء، وذهل الإمام من ذلك فسألهم عن مهرجانهم، فقالوا له: إنّا
نستقبل ملوكنا بمثل ذلك، فقال لهم الإمام بما مضمونه: إنّه ليس ملكاً
وإنّما هو كأحدهم، يقيم فيهم الحقَّ والعدلَ، ولم ينصرفْ عن مكانه حتى
انصرف الناس إلى أعمالهم.

إقامة الحدّ على النجاشي


كان
النجاشي شاعراً رقيقاً في نظمه، موهوباً في أدبه، وهو من شعراء الإمام
عليه السلام، والشعراء في تلك العصور ألسنة الاُمّة، ووسائل إعلامها، وقد
شرب النجاشي الخمر في شهر رمضان، فقد أغراه أبو سَمَّال العدويِّ، وقال
له: ما تقول في رؤس حُملان في كَرِشٍ في تنّور قد أينع من أول الليل إلى
آخره؟ فقال له النجاشي: ويحك! في شهر رمضان تقول هذا؟ فقال له: ما شهر
رمضان وشوّال إلا سواء، وقال له النجاشي: فما تسقيني عليه؟ قال: شراباً
كأنّه الورس يطيّب النفس ويجري في العظام ويسهّل الكلام، ودخلا المنزل
فأكلا وشربا، فلمّا أخذ الشراب منهما مأخذاً تفاخرا، وعلت أصواتهما، فسمع
جار صوتهما فسارع إلى الإمام فأخبره، فأرسل للقبض عليهما بعض شرطته، فأمّا
أبو سَمّال فقد هرب ولم يقبض عليه، وأمّا النجاشي فقد قبضت عليه الشرطة
وجاءت به مخفوراً إلى الإمام فقال له:


‹وَيْحَكَ! إنّنا صِيامُ وَأنْتَ مُفْطِرُ؟›.
ثمّ أمر أن يضرب ثمانين سوطاً، وزاده عشرين سوطاً، فقال النجاشي:
ما هذه الزيادة يا أبا الحسن؟..
فقال عليه السلام: ‹لِجَرْأتِكَ عَلَى اللهِ في شَهْرِ رمضان›، ثمّ رفعه
إلى الناس في تبّان، وذلك لإهانته حتى يرتدع الناس من شرب الخمر.

سياسته المالية


كان
للإمام عليه السلام منهج خاصّ متميّز في سياسته المالية، ومن أبرز مناهجه
أنّه كان يرى المال الذي تملكه الدولة مال الله تعالى ومال المسلمين، ويجب
إنفاقه على تطوير حياتهم، وإنقاذهم من غائلة البؤس والحاجة، ولا يختصّ
ذلك بالمسلمين، وإنّما يعمّ جميع من سكن بلاد المسلمين من اليهود والنصارى
والصابئة، فإنّ لهم الحقّ فيها كما للمسلمين.


كان
الإمام عليه السلام يرىالفقر كارثة اجتماعية مدمّرة يجب القضاء عليه بجميع
الوسائل، وقد اُثر عنه أنّه لو كان رجلاً لأجهز عليه..
ونلمّح – بأيجاز – إلى بعض معالم سياسته المالية:

توزيع المال


من
المناهج في السياسية المالية التي انتهجها الإمام عليه السلام في حكومته
توزيع الأموال التي تجبى للخزينة المركزية حين وصولها، فكان يبادر إلى
إنفاقها على مستحقّيها، والجهات المختصّة كتعمير الأراضي وإصلاح الري،
الإمر الذي يعود على البلاد بالفائدة، وكانت هذه سيرته ومنهجه.


ويقول
الرواة: إنّ ابن النباح وهو أمين بيت المال جاءه وقال: يا أمير المؤمنين،
امتلأ بيت المال من الصفراء والبيضاء، فقال عليه السلام: ‹الله اكبر›،
وقام متوكّئاً على ابن النباح، فلمّا انتهى إلى بيت المال قال:

‹هذا جَنايَ وخِيارُهُ فيهِ
وَكُلُّ جانٍ يَدُهُ إلى فيهِ›
ثمّ
أمر الإمام عليه السلام باتباع الكوفة فحضروا، ووزّع جميع ما في بيت
المال، وهو يقول: ‹يا صَفراءُ! وَيا بيضاءُ! غُرِّي غَيْري› ولم يُبْقِ
فيه ديناراً ولا درهماً، ثمّ أمر بنضحه، وصلّى فيه ركعتين، وورد إليه مال
فقسّمه، ففضل منه رغيف فقسّمه سبعة أقسام وأعطاها لهم، كما وردت إليه
زقاق من عسل، فقسّمه عليهم، ثمّ جمع الأيتام فجعل يطعمهم ما بقي في الزقاق
من عسل.

لقد
كانت هذه سيرة إمام الحقّ ورائد العدل في الأموال التي تجبى للخزينة
المركزية، ثمّ لا يستأثر بأي شيء منها لا هو ولا أهل بيته.

المساواة في العطاء


وانتهج
الإمام عليه السلام طريقة خاصّة في العطاء، وهي التسوية بين المسلمين، فلم
يميّز قوماً على قوم، ولا فئة على فئة، وقد جرّت له هذه السياسة الأزمات،
وخلقت له المصاعب، فقد فسد عليه جيشه وتنكّرت له الوجوه والأعيان،
وناهضته الرأسمالية القرشية التي استأثرت بأموال المسلمين في عهد الخلفاء.


وقد
خالف الإمام عليه السلام بذلك سياسة عمر التي بنيت على التفاوت بين
المسلمين في العطاء فقد فضّل البدريّين على غيرهم، وفضّل الأنصار على
غيرهم، وبذلك فقد أوجد الطبقيّة والرأسمالية بين المسلمين..


لقد
ألغى الإمام هذه السياسة إلغاء تامّاً، وساوى بين المسلمين كما كان يفعل
رسول الله صلى الله عليه وآله، ولمّا مني جيش الإمام عليه السلام
بالانحلال والتخاذل واتّجهوا صوب معاوية سارع ابن عباس نحو الإمام عليه
السلام فعرض عليه حالة جيشه، وما يصلحه قائلاً:


يا أمير المؤمنين، فضّل العرب على العجم، وفضّل قريشاً على سائر العرب..
فرمقه الإمام بطرفه، وردّ عليه قائلاً:
‹أتأمروني أنْ أطْلُبَ النَّصْرَ بالجوْرِ؟ ولوْ كانَ المَالُ لِي لَسَوَّيْت بينَهُمْ، فكيفَ وإنَّما المَالُ مالُ الله›.
لقد تبنّى هذا العملاق العظيم مصالح البؤساء والمحرومين وآثرهم على كلّ
شيء، فمن مظاهر عدله في مساواته أنّ سيّدة قرشية، وفدت عليه طالبة منه
زيادة مرتبها، فلمّا انتهت إلى الكوفة لم تهتد إلى محل إقامته، فسألت
سيّدة عنه، وطلبت منها أن تأتي معها لتدلّها عليه وسارت معها السيّدة،
فسألتها القرشية عن مرتبها فأخبرتها به، وإذا هو يساوي مرتبها، وسألتها عن
هويّتها فأخبرتها أنّها أعجمية، فلمّا انتهت إلى الجامع الأعظم الذي يقيم
فيه الإمام، أمسكت بها القرشية، ولمّا انتهت إلى الإمام أخذت تصيح:


أمن العدل يا بن أبي طالب أن تساوي بيني وبين هذه الأعجمية؟ فالتاع الإمام منها، وأخذ قبضة من التراب وجعل يقلّبها بيده وهو يقول:
‹لَمْ يَكُ بَعْضُ هذا التُرابِ أفْضَلُ مِنْ بَعْضٍ›، وتلا قوله تعالى:
(يا أيُّها النّاسُ إنّا خَلَقْناكُم مِن ذَكَرٍ وَانثى وَجَعَلْناكم
شُعوباً وَقَبائلَ لِتعارَفوا إنَّ أكْرمَكُم عندَ اللهِ أتقاكُم).


لقد أدّت هذه السياسة المشرقة التي انتهجها الإمام إلى إجماع القوى المنحرفة والباغية على الاطاحة بحكومته وشلّ فعاليّاتها.
يقول المدائني: ‹إنّ من أهمّ الأسباب التي أدّت إلى تخاذل العرب عن الإمام
اتّباعه لمبدأ المساواة حيث كان لا يفضّل شريفاً على مشروف في العطاء ولا
عربياً على أعجمي›.


[size=21:dcb7
توقيع {اسير & الدموع}


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://iraqeyes.own0.com
MADooooo
avatar




معلومات اضافية
عدد المساهمات : 5
تاريخ التسجيل : 20/08/2011

علي بن أبي طالب أعجوبة الخالق ومعجزة الرسول Empty
مُساهمةموضوع: رد: علي بن أبي طالب أعجوبة الخالق ومعجزة الرسول علي بن أبي طالب أعجوبة الخالق ومعجزة الرسول Emptyالسبت أغسطس 20, 2011 6:40 am

بارك الله فيك علي معلوماتك دينية رائع

ومواضيعك جميلة وشكرا علي حسن انتقاءك
توقيع MADooooo


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

علي بن أبي طالب أعجوبة الخالق ومعجزة الرسول

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة
صفحة 1 من اصل 1
 KonuEtiketleri كلماتدليليه
علي بن أبي طالب أعجوبة الخالق ومعجزة الرسول منتدى عيون العراق , علي بن أبي طالب أعجوبة الخالق ومعجزة الرسولعلى منتدانا , علي بن أبي طالب أعجوبة الخالق ومعجزة الرسول على عيون العراق ,علي بن أبي طالب أعجوبة الخالق ومعجزة الرسول ,علي بن أبي طالب أعجوبة الخالق ومعجزة الرسول , علي بن أبي طالب أعجوبة الخالق ومعجزة الرسول
 KonuLinki رابطالموضوع
 Konu BBCode BBCode
 KonuHTML Kodu HTMLcode

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى عيون العراق :: المنتديات الدينية :: منتدى الدين الاسلامي-
Powered by phpBB ® Version 2
Copyright © 2010-2011
.:: جميع الحقوق محفوظه لـ :عــيون العـــراق © ::.
جميع المواضيع و الردود تعبر عن رأي صاحبها ولا تعبر عن رأي إداره منتدى عيون العراق بــتــاتــآ